Forum - حرب الطاقة بين الإنسان والشيطان

حرب الطاقة بين الإنسان والشيطان

  

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين ، في هذا البحث سنحاول اكتشاف العلاقة بين الإنسان والمخلوقات اللامرئية مثل الشياطين والجان من خلال الغوص في أعماق كتاب الله سبحانه وتعالى القران الكريم وما اكتشفه العلم الحديث من القوى الكهرومغناطيسية والشحنات التي تنبعث وتحيط بجسم الانسان وتحليل طريقة تاثير تلك المخلوقات على بنو البشر وسبل الوقاية والدفاع التي علمنا إياها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وما أوصانا به سيد الخلق وخاتم النبيين والأئمة المعصومين من بعده صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

سنتعرف على أهم أساسيات البحث بالمقارنة بين خلق الإنسان والشيطان من خلال               النقاط التالية :

1.   طبيعة خلق الشياطين والجان :

      ‌أ-  قوله تعالى (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ) وقوله تعالى (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ) وقوله تعالى (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) تبين لنا هذه الايات بان الشياطين والجان قد خلقوا من نار ويفسر العلماء في عصرنا الحالي النار بانها ( الطاقةالحرارية والضوئية التي تطلق أثناء التفاعل الكيميائي) ومن خلال هذا التفسير نتبين بان الجان هم مخلوقات طاقوية  وليست مادية .

     ‌ب-قوله تعالى (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) لو تاملنا في عبارة ( تهتز كأنها الجان ) سنعرف يقينا بان الجان تهتز وبما انها مخلوقات طاقة وتهتز اذا فلا بد ان تكون لديها ترددات او شحنات كما في جميع الطاقات .

     ‌ج-  قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)                    يقول العلماء ان اصل كلمة ( ازاً ) هي من كلمة الازيز كما نقول ازيز النحل او ازيز الكهرباء مما يدل ان الشياطين لها ازيز مثل الكهرباء ! 

      ‌د-  من خلال ما تقدم نعرف بان الشياطين والجان هي عبارة عن طاقة ولديها اهتزازات خاصة وأزيز  فنستنتج بأنها طاقة ذات ترددات معينة والله اعلم .

2.   طبيعة خلق الانسان :

         ‌أ-   قوله تعالى (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) لقد خلق الله الانسان من طين وتحول بقدره الله سبحانه وتعالى الى مليارات من الخلايا الحية التي يتكون حولها مجالاً مغناطيسياً .

        ‌ب-  تم اكتشاف في منتصف القرن الماضي علمياً بان الانسان تحيط به هالة ضوئية تنبعث منه وان هذه الهالة تختلف من انسان الى اخر .

        ‌ج-  اثبت العلماء بان دماغ الانسان يتأثر باية موجات كهرومغناطيسية من حوله وانها تؤثر فيه اما ايجابا او سلباً .

         ‌د-   جميع حواس الانسان تحول ما تشعر به الى اشارات كهربائية وتنقلها الى الدماغ فمثلاً الاذن تحول الصوت من طاقة صوتية الى اشارات كهربائية يقوم بمعالجتها وتحليلها الدماغ .

        ‌ه-  مما تقدم نعرف بان مركز معالجة المعلومات واتخاذ القرار في جسم الانسان ( الدماغ ) يتعامل مع اشارات كهربائية وكهرومغناطيسية .

من خلال هذه المقدمة تعرفنا على العامل المشترك بين الانسان والشيطان وسنقوم باخذ كل حالة بشيء من التفصيل من خلال فصول هذا البحث الذي لا ابتغي فيه غير مرضاة الله سبحانه وتعالى ولكي تعم الفائدة والله الموفق .

 

 

 

 

الباحث

علي زامل حسين

2/3/2009

 

 

المبحث الاول

 

الطاقــة

 

مطلوب دائماً من المؤمن أن يتدبر القرآن كل حسب ما يسمح به ظرفه وما يتيسر له منوقت، فالقرآن ليس حكراً على أحد، وهو كتاب أنزله الله لكل البشر وليس لفئة محددة منالعلماء والمختصين، لذلك أدعو جميع إخوتي وأخواتي من القراء أن يعطوا شيئاً منوقتهم لتأمل آيات القرآن وأن يقدموا شيئاً لهذا القرآن: أقل ما يمكن أن نتدبرالقرآن عسى الله أن يرحمنا ويشفينا ببركة هذا القرآن وأن يكف كيد المستهزئين بنبيناصلى الله عليه واله وسلم.
فكل من لا يتدبر القرآن مقفل القلب ولو كان يظن نفسهأنه مؤمن! ومن لم يصدق هذا الكلام ليقرأ قوله تبارك وتعالى: (أَفَلَايَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24]. فعلينا ان نتدبر هذا القرآن الذي سيكون شفيعاً لنا يوم لقاء الله يوم يتخلى أقرب الناس الينا .

 

علم الطاقة


والسؤال: يتحدث العلماء اليوم عن علم الطاقة والطاقة الكونية والطاقة الحيوية فهل في القرآننوع من أنواع الطاقة الشفائية أو الطاقة التي تغير حياة الإنسان بالكامل، وكيف يمكنأن نفهم موضوع الجن والسحر والحسد في عصر العلم اليوم؟
نتلقى الطاقة في كللحظة من عمرنا على شكل موجات ضوئية وكهربائية ومغناطيسية، فالشمس وهي أكبر مصدرللطاقة بالنسبة إلينا تبث حرارتها وضوءها على شكل اهتزازات، هذه الاهتزازات تؤثرفينا وقد لا نرى هذا التأثير ولكننا ندرك نتائجه.
إن جزيئات الماء تهتز فيكل خلية من خلايا جسمنا، حتى الصوت الذي نسمعه ما هو إلا اهتزازات لها تردد معين،والأشياء التي نراها فإننا نراها بواسطة الضوء وهو عبارة عــن

اهتزازات لها تردداتمحددة لكل لون من ألوان الضوء.
حتى الأحاسيس والمشاعر والقلق والخوف والحبوغير ذلك ما هي إلا اهتزازات لا نشعر بها ولكنها في الحقيقة موجودة.

الحرارة التي نحس بها والبرودة التي تجعلنا نرتجف ما هي إلا اهتزازات أيضاًلا نراها ولكنها موجودة! إن كل ذرة في جسدنا تهتز بسرعة لا يتصورها مخلوق، والسوائلداخل الخلايا تهتز أيضاً، ويمكنني أن أقول إننا نعيش في عالم منالاهتزازات.

طبيعة الجان والشياطين


إن النار التي نراها هي فيالحقيقة اهتزازات، وبما أن الجنّ قد خُلق من النار، فلا بد أن يتميز بالطبيعةالاهتزازية، وهذا ما حدثنا عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَأَلْقِ عَصَاكَفَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْيَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) [النمل: 10]. وقال أيضاً: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّوَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَالْآَمِنِينَ) [القصص: 31]
إذن العصا تهتز مثل الجان إذن الجان يهتز، لماذايهتز؟ لأنه خلق من النار أي الطاقة، يقول تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْقَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) [الحجر: 27]. وهنالك آية أيضاً تتحدث عن الكيفيةالتي تؤثر فيها الشياطين على الكفار، يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَاالشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) [مريم: 83]. يقولالعلماء في تفسير هذه الآية: (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) أي تغويهم وتطغيهم.  ولكن كيف تتم عملية الإغواء هذه؟ وكيف يستجيب الكافر ويتفاعل مع الشيطان، وما هيالوسيلة التي يتم التواصل من خلالها بين الشيطان والكفار؟

 

ذبذباتشيطانية

إن الشيطان يستخدم نوعاً من الاهتزازات والتي أشد ما تؤثر علىالكافر، أما الذي يذكر الله تعالى فإن أزيز الشيطان لا يؤثر به، ولكن كيف تحدثالعملية؟
يقول سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّقُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(الرعد: 28). نستطيع أن نقرر من خلال هذه الآية أن ذكر الله يؤدي إلى الطمأنينة، أيما يسمى بلغة العلم "الاستقرار النفسي"، إذن لدينا اضطراب ولدينااستقرار.
الاستقرار يعني أن الطاقة في أقل مستوى لها، والاضطراب يعني أنالطاقة في أعلى مستوياتها، ولذلك نجد المرضى النفسيين يعانون من عدم استقرار، ونلمسذلك في حركات أجسامهم المضطربة، أما الذي يذكر الله تعالى فإن هذا الذكر سيؤثر علىكمية الاهتزازات لديه فيخمدها، وهذه هي الطمأنينة التي حدثنا عنها الآيةالكريمة.
إن العلاقة بين المادة والطاقة والتي اكتشفها آينشتاين منذ مئة سنةهي علاقة مهمة، فالمادة يمكنها أن تتحول إلى طاقة والعكس صحيح. ويمكن القول إنالمادة هي تكثيف شديد للطاقة.
إن الله تعالى خلق الجن من النار والنارتتميز بالطاقة العالية، ولذلك استكبر إبليس عن السجود لآدم وقال: (أَنَا خَيْرٌمِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف: 12]. من هذهالآية نستدل على أن الجن له طبيعة طاقوية أشبه بالحرارة والاهتزازات (موجات الطاقة)التي تنبعث من النار.

 

كيف يؤثر إبليس علينا؟

الشيطان له وسيلة تأثيربالاهتزازات أو الذبذبات غير المرئية، يقول تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَوَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَأَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 27]. الشيطان يؤثر علينا بواسطةالذبذبات الشيطانية غير المرئية، وهذه الذبذبات لها ترددات عالية ولذلك نجد أن آخرسورة في القرآن ختم الله بها كتابه هي سورة الاستعاذة من الشيطان: ( قُلْ أَعُوذُبِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِالْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِوَالنَّاسِ) [سورة الناس].
لاحظوا معي أن هذه السورة تحوي حرف السين بنسبةكبيرة وحرف السين هو الحرف الأعلى من حيث تردده أي له تردد مرتفع جدأً، ولذلك نجدهيتكرر 10 مرات في سورة تتألف من 20 كلمة أي بمقدار النصف وهذه أعلى نسبة لحرف السينفي القرآن!!
كأن الله يريد أن يقول لنا احذروا الشيطان ووسوسته فهو عدو لكمفاتخذوه عدواً وتنبهوا له في كل لحظة، ولكن للأسف تجدنا غافلين عن هذا العدو الذييتربص بنا، ولا نقوم بأي إجراء مع العلم أن الإجراءات التي جاءت في القرآن سهلةجداً أقلها أن تقول :                             (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) .

 

كيف يؤثر الشيطان على خلايا دماغناوطريقة تفكيرنا؟

إن دماغ الإنسان يبث بشكل دائم ذبذبات كهرومغناطيسية يمكن قياسهابأجهزة خاصة، وحتى أثناء النوم لا يتوقف الدماغ عن البث لهذه الذبذبات، ويقولالعلماء إن هذه الذبذبات مع الذبذبات التي يبثها القلب تشكل مجالاً كهرومغناطيسياً يحيطبالإنسان ويمكن تصويره              بكاميرا خاصة .

والفكرة التي أود أنأطرحها هي أن الإنسان عندما يقرأ القرآن فإن دماغه يتفاعل بطريقة خاصة مع القرآنويبدأ الدماغ والقلب ببث الترددات الكهرمغناطيسية بطريقة مختلفة، وهذه الترددات تشكلمجالاً يحيط بالإنسان. وهناك ذبذبات لا يمكن رؤيتها تصدر عن الدماغ والقلب وتحيطبالإنسان ويمكن أن أسميها "ذبذبات قرآنية" تشكل غلافاً حول الشخص الذي يقرأالقرآن ، إن هذا المجال أو الغلاف أو الحصن يقف كالسد المنيع أمام ذبذباتالشيطان التي يبثها ويوسوس بها، ولذلك أمرنا الله تعالى أن نقرأ سورة الفلق وهيأقوى سلاح لإبعاد الشيطان وتأثيره. فعندما نقرأ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّالنَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) [سورة الفلق]يتشكل حولنا مجال قوي وذبذبات معاكسة للذبذبات التي يبثها الشيطان في عمله، فتفنيهاوتبددها وبالتالي فإننا في حالة حرب مع هذا الشيطان، كما قال تعالى: (إِنَّ كَيْدَالشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)               [النساء: 76]  وأعود فأقول إن هذه الأفكار هيوجهة نظر تحتمل الصواب أو الخطأ ولكن هناك الكثير من الشواهد القرآنية والآيات يمكنفهمها في ضوء العلم الحديث. فنحن كمسلمين ينبغي أن ندعو غير المسلمين وهؤلاء أناسماديون لا يفقهون إلا لغة العلم، ولكي نقرب لهم حقيقة الشيطان لابد من استخدام لغةالعلم .

إن الأسلوب الذي يستخدمه الشيطان في التأثير على البشر هوالذبذبات الشيطانية غير المرئية ولكنها مؤثرة، وهي عبارة عن ترددات من نوع خاص،يؤثر بها على الذي لا يذكر الله تعالى، أما الذي يقرأ القرآن فإن صوت القرآن ينفرالشيطان ويبعده، وبالتالي كأن هناك حرب بين ذبذبات شيطانية أو صوت الشيطان وبين صوتالحق أو القرآن. والمؤمن عندما يقرأ القرآن يحيط نفسه بمجال قوي يمنع أي شر يحيطبه، والله أعلم.

ما الذي يحدث عندما نقرأ آية الكرسي؟

ما الذي يميزآية الكرسي عن غيرها من الآيات؟ إنها أعظم آية في القرآن كما أخبر بذلك نبينا محمدصلى الله عليه واله وسلم. وعند قراءة هذه الآية: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَالْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِيالسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّابِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَبِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِوَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة: 255]فإن كل حرف من حروفها له تردد خاص وعند اجتماع هذه الحروف فإنها تعطي تردداتخاصة نعتقد أنها تؤثر على الأشياء من حولنا!!

إن قراءة القرآن بشكل عام تؤثرعلى كل شيء سواء كان عاقلاً أم غير عاقل، فقد أخبرنا الله تعالى أن كل شيء يسبحبحمد الله حتى الجبال والجبل كما نعلم هو تراب وصخور، يقول تعالى: (وَإِنْ مِنْشَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْإِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44]. ولذلك فإن الجدران من حولنا تتأثربكلام الله والماء الذي نشربه يتأثر بكلام الله، والطعام الذي نأكله يتأثر بكلامالله ويتغير تركيبه، وإلا لماذا نهى الله عن أكل اللحوم التي لم يُذكر اسم اللهعليها؟ يقول تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِوَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْلِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) .


الذبذبات المضادة!

كما قلنا إن الشيطان يستخدم ذبذبات يؤثر بها علىأوليائه الذي يطيعونه، وكل من يعصي الله لابد أنه تأثر بهذه الذبذبات أو الوساوس،فالله تعالى يقول عن أسلوب الشيطان في الإغواء: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَمِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) [الإسراء: 64] ونحن نعلم أن الصوت هو ذبذبات تنتشر في الهواء،هذا الصوت الذي نعرفه، ولكن صوت الشيطان هو ذبذبات أيضاً ولكنها غير مرئية ولا يمكنقياسها أو معرفتها ولكنها موجودة ويمكن رؤية آثارها.
ولا يمكن أن نقاوم هذاالصوت الشيطاني إلا بصوت معاكس من خلال آيات من القرآن، لقد حدثنا الله تعالى أنهأثناء قراءة القرآن فإن حجاباً وحصناً يتشكل حول الإنسان يحول بينه وبين كل كافرومنهم الشيطان، يقول تعالى: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَوَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) [الإسراء.45]أي أن صوت القرآن يؤدي إلى تشكل ذبذبات تحيطك من كل جانب فلا يستطيع أحد أنيصل إليك!


كيف نعالج تأثير الشيطان

إنها عملية بغاية البساطة، انظروامعي إلى قول الحق تبارك وتعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌفَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَامَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف: 200-201].

استخدام الماء لإبعاد تأثير الشيطان وأفضل استخدامللماء هو الوضوء، يقول تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءًلِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) [الأنفال: 11]. وبما أن المؤمن يتوضأ باستمرار فإنه لا يقربه الشيطان، ولا يؤثر به سحر أوحسد!
الاستعاذة بالله من شر الشيطان باستمرار، يقول تعالى: (فَإِذَاقَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْيَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُوَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 98-100].
وأخيراً يا إخوتي! ليس عبثاً أن يختم الله أعظم كتاب على وجه الأرض بالمعوذتين: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّالْفَلَقِ) و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) وذلك بسبب أهمية هاتين السورتين، وكأنالله يريد أن يقول لنا إن الشيطان موجود في كل المناسبات وقد أنزلت لكم سورتينعظيمتين فيهما           سلاح لكل شر ، وقد وجدتُ أن أفضل سلاح هو حفظ القرآن وأنصح كلأخ وأخت أن يبدأ منذ هذه اللحظة بحفظ القرآن، لأنك منذ اللحظة الأولى التي تقررفيها أنك يجب أن تحفظ القرآن سوف يبدأ التغيير في حياتك، فكل الأمراض التي تعانيمنها تختفي، كل المشاكل النفسية والاجتماعية تزول، كل الشر المحيط بك يتوقف لأنكعالجت السبب وهو الشيطان، فحفظ القرآن هو بحق إعادة لبرمجة خلايا دماغك، وهو صيانةوتأهيل لقلبك، وهو شفاء ورزق وسعادة وإبداع نسأل الله أن يرزقنا حفظ هذاالقرآن عسى أن نلقاه وقد حفظنا كلامه في صدورنا ونكون من الذين قال فيهم: (إِنَّالَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّارَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 29-30] .

 

المبحث الثاني

 

الناصيــة

 

لماذا يكذب الإنسان أويرتكب الأخطاء؟ وهل هنالك منطقة محددة في الدماغ تتحكم بالكذب والخطأ؟ أين يوجدمركز القيادة والسلوك؟ إنها اكتشافات حديثة جداً تحدث عنهاالقرآن.

مركزالكذب

 

كيف كان الناس ينظرون إلى الكذب قديماً وحديثاً؟ وهل تغيرت المعرفة البشريةبهذا الجانب الأخلاقي المهم في حياة الإنسان؟ إذا تتبعنا التاريخ الإنساني نلاحظ أنالناس نظروا إلى الكذب على أنه عادة سيئة فحسبولكن عندما تطور العلم وبدأ العلماء يستخدمونالتجارب العلمية لربط جميع الظواهر بأشياء مادية ومحاولة إعطائها تفسيراً علمياًمقبولاً. أي: لماذا يكذب الإنسان؟ وهل هنالك منطقة محددة في الدماغ مسؤولة عنالكذب؟ بل ماذا يحدث أثناء عملية الكذب؟ وهل هنالك طاقة يصرفها الإنسان عندمايكذب؟
ومن جهةثانية ماذا عن الصدق؟ وهل هنالك فرق في عمليات الدماغ عندما يقول الإنسان الحق، أوعندما يكذب؟ هذه أسئلة شغلت بال بعض العلماء في السنوات القليلة الماضية، وبما أنظاهرة الكذب قد تفشَّت بشكل كبير وغير مسبوق، فلا بد من البحث عن وسائل موثوقة لكشفهذا الكذب .

 

تجربة جديدة لكشفالكذب

في عام 2003 قام بعض العلماء بتجربة رائعة لكشف أسرار الكذب. لقد كان هدف التجربةمحاولة ابتكار جهاز لكشف الكذب، وهل من الممكن أن نستخدم هذا الجهاز في التحقيق معالمجرمين؟ وقد كان سر الإجابة في معرفة المنطقة المسؤولة عن الكذبأولاً .

 

 

 

 

 

جهاز جديدللتصوير بواسطة الرنين المغنطيسي حيث يقوم هذا الجهاز بمسح شامل للدماغ وإظهارالمناطق الأكثر نشاطاً.


وبعد إجراء التجارب والتقاط العديد من الصور لجميعأجزاء الدماغ وجد العلماء أن الإنسان عندما يكذب فإن هنالك نشاطاً كبيراً تظهرهالصور المغنطيسية بطريقة تسمى   functional magnetic resonance imaging في منطقةمحددة من الدماغ وهي منطقة أعلى ومقدمة هذا الدماغ.

وهكذا استنتجالعلماء أن الجزء الأمامي العلوي من الدماغ هو المسؤول عن الكذب! وهذا الجزء هو مانسميه في اللغة العربية بناصية الإنسان، أي أعلى ومقدمة الرأس، وهنا يتوضح هذاالجزء من الدماغ.

 

 

 

أظهرت الصورالحديثة للدماغ أثناء تجربة الكذب، أن المنطقة في أعلى ومقدمة الدماغ تنشط بشكلكبير أثناء الكذب، لاحظ البقعة الحمراء التي تشير إلى نشاط في مقدمة وأعلى الدماغحين يكذب الإنسان.

ويقول العالمScott Faroالذي أجرى هذه التجارب: عندما يقول الإنسان الحقيقة أي عندما يكون صادقاً، تكون المنطقة ذاتها في الدماغ أيالجزء الأمامي في حالة نشاط أيضاً، ويمكن أن نستنتج أن منطقة الناصية هي المسؤولةعن الصدق أو الكذب.
الكذب يتطلب طاقةأكبر


لقد أثبتت التجارب الجديدة على الدماغ بطريقة التصوير بالرنين المغنطيسي، أنالإنسان عندما يكذب فإن دماغه يعمل أكثر وبالتالي يتطلب طاقة أكبر، وهذا يعني أنالصدق يعني التوفير في الطاقة وفي عمل الدماغ.

بل إنهم يتحدثون اليوم عن حقيقة جديدة وهي أنالدماغ قد صُمم أساساً على الصدق أو كما يعبرون عنه بقولهمtruthful is the brain's "default" modeأي أن الصدق هو النظام الافتراضيللدماغ.

إنالمجرمين المحترفين من السهل عليهم خداع أي جهاز لكشف الكذب، ولذلك يحاول العلماءاليوم التوجه مباشرة إلى مصدر الكذب وهو الدماغ، وذلك باستخدام تقنية مسح الدماغFMRI scannerلاكتشاف الكذب عند المجرمين، ويؤكدون بأن هذه الطريقة تعطي نتائج دقيقةجداً. فمهما كان الإنسان بارعاً بالكذب فإنه لن يستطيع التحكم بالمنطقة الأمامية فيدماغه والتي تكون أكثر نشاطاً عندما يكذب .

مع أن الملاحظ وجود عدة مناطق تنشط أثناء الكذبإلا أن العلماء يعتقدون أن هنالك منطقة محددة في الدماغ مسؤولة عن الكذب، وهيالمنطقة الأكثر نشاطاً أثناء عملية الكذب، وقد بينت القياسات كما رأينا أن المنطقةالأمامية من الدماغ هي الأكثر نشاطاً ولذلك فهي المسؤولة عن الكذب في دماغالإنسان .

 



صور حقيقيةلدماغ يظهر وجود نشاط كبير في المنطقة الأمامية أثناء ممارسة الكذب. الصورة اليسرىتمثل الدماغ في حالة الصدق، ثم تليها صور لحالات متدرجة في الكذب، حيث نلاحظ ازديادحجم البقعة الصفراء التي تمثل نشاط الدماغ في المنطقة الأمامية، ويزداد هذا النشاطتدريجياً كلما تعمد الإنسان الكذب أكثر .


مركزالخطأ

في تجربة جديدة أيضاً بحث العلماء عن مصدر الخطأ في الدماغ، فقاموا بعمليةمسح شاملة لدماغ إنسان يرتكب خطأ ما، والنتيجة المفاجئة هي وجود منطقة في الدماغمسؤولة عن الأخطاء التي يرتكبها الإنسان، ولكن ما هي هذهالمنطقة؟
فيهذه التجربة وجد العلماء أن مقدمة الدماغ وتحديداً في قشرة الدماغ الأمامية وتسمىRACCوهي ما نسميه "الناصية" تكون أكثر نشاطاً عندما يرتكب الإنسان خطأ ما! وكلماكان الخطأ أكبر كانت هذه المنطقة أنشط.
وتعتمد التقنية الجديدة في كشف الخطأ على مسحالدماغ بالرنين المغنطيسي الذي يهدف إلى رصد حركة الدم، وسرعة تدفق الدم في مختلفأجزاء الدماغ. وبالطبع فإن المنطقة ذات التدفق الأكبر تكون هي الأنشط  .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أظهرتالتجربة الجديدة على الدماغ أن المنطقة الأمامية أو منطقة الناصية تكون نشيطة عندارتكاب الأخطاء. وفي الشكل نلاحظ صوراً متعددة لدماغ إنسان وهو يخطئ، وكلما كانالخطأ أكبر نلاحظ ازدياد في نشاط هذه المنطقة منالدماغ.

إن الجزء الأمامي من الدماغThe frontal lobe of the brain هو أهم جزء فيالدماغ، حيث يتم فيه توجيه الإنسان والحيوان، ويتم فيه اتخاذ القرارات المهمة، سواءكانت صحيحة أم خاطئة. ويتم فيه أيضاً التخطيط للخير والشر.
مركز القيادة والتحكم والسلوكوالتوجه

 

لقد بينت التجارب الحديثة أنه لدى التحكم بالمشاعر والعواطف وأثناء اتخاذالقرارات المهمة، فإن المنطقة الأمامية من الدماغ تكون أكثر نشاطاً، ومن هنا استنتجالعلماء أن هذه المنطقة مسؤولة عن التحكم والسيطرة لدى الإنسان . كما أن هذا القسممن الدماغ مسؤول أيضاً عن التخطيط لدى الإنسان وإيجاد الحلول والتفكيرالإبداعي .

لقدتبين بنتيجة الأبحاث والتجارب أن منطقة المقدمة من الدماغ أو الجزء الأمامي منه هوالمسؤول عن السلوكbehaviour والاندفاع، وقد أظهرت الصور بالرنين المغنطيسي أنالمنطقة الأمامية جداً والقريبة من جبهة الرأس هي الأكثر تعقيداً والأكثر نشاطاًأثناء عمليات السلوك والهجوم والهروب وغير ذلك من أنواع السلوك والتوجه.
حتى إن هذهالمنطقة المهمة من الدماغ تلعب دوراً أساسياً في توجيهنا المكاني، أو توجيهنا فيالفضاء. إن أهم تغيير يحدث عند الإنسان الذي تضررت المنطقة الأمامية من دماغه أنهيفقد السيطرة على التوجه والتحكم ويضطرب لديه السلوك بشكل عام
إن الجزء الأمامي من قشرة الدماغ وهو الأقرب لناصية الرأس، يملك العديد منالميزات الهامة جداً، ويتصل مع العديد من الأجزاء الحساسة من الدماغ، إنه يلعبدوراً مهماً في التخطيط والتنظيم. إن هذه الناصية تتحكم بالكثير من الأعمال التينقوم بها في حياتنا اليومية، مثل اتخاذ القراراتDecision-makingوالتكيف مع الأشياءالجديدة، وإيجاد الحلول لكثير من المشاكل، مقاومة الإغواء والتحكم بالاندفاع ويتحكمهذا الجزء بالمهام العليا مثل الإدراك، ويعتبر مسؤولاً عن المهام التنفيذية"executive functions"والحفاظ على إنجاز أي مهمة ناجحة، ويعتبر هذا الجزء بمثابةالمشرف على أعمالالإنسانCOLOR=#ff0000][[/color]"supervisor".
القرآن أول كتاب يحدد مهام الجزءالأمامي من الدماغ.


إنها اكتشافات حديثة جداً لا يزال العلماء حتىلحظة كتابة هذا البحث يبحثون ويجرون التجارب لكشف الكثير من أسرار هذه المنطقةالحساسة من الدماغ، والتي تقع في مقدمة الرأس، أو الناصية. ولكن كيف تناول القرآنهذه القضية العلمية في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم أي شيء عن هذا الجزء منالدماغ أو عن عمله ومهامه التي تتعلق بالخطأ والكذب والتوجيهوالقيادة؟

 



منطقةالناصية هي أعلى ومقدمة الرأس، وقد أثبتت التجارب أن قشرة الدماغ الأمامية العلياأي أقرب نقطة للدماغ من ناصية الرأس، هذه المنطقة تتحكم بالقيادة والتوجه والاندفاعوالسلوك. وهي أهم منطقة في دماغ الإنسان والحيوان، ولذلك قال تعالى: (ما من دابةإلا هو آخذ بناصيتها)


الكــذب


يقول تعالى عن أبي جهل لعنه الله:  ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَاصَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى* أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى* كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ*نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ* فَلْيَدْعُنَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْوَاقْتَرِبْ( العلق )

جاء فيمعنى كلمة (الناصية): الناصية هي قصاص الشَّعر، وتقول العرب: نصاه أي قبض بناصيتهوهي شَعر "الغرّة" أي شعر مقدمة وأعلى الرأس. وإبِلٌ ناصية: ارتفعت في المرعى. والمنتصى أعلى الواديين. ونواصي الناس أشرافهم.

ونلاحظ أنالعرب زمن نزول القرآن كانت تفهم من كلمة (الناصية) أعلى ومقدمة الرأس، أو أعلىومقدمة أي شيء. وعندما نتحدث عن ناصية الإنسان فهذا يعني الحديث عن مقدمة وأعلىرأسه وبما أنالمنطقة الأمامية من الدماغ أي منطقة الناصية هي التي تمارس نشاط الكذب، فإن القرآنبذلك يكون أول كتاب تحدث عن هذه المنطقة من الدماغ وعلاقتها بالكذب بل وصفهابالكذب   ( ناصية كاذبة )  وهذا سبق علميللقرآن.


الخطـــأ


والآن ماذا عن الخطأ؟ لقد وجد العلماء كما رأيناأن منطقة الناصية في الدماغ أو الفص الجبهي هو المسؤول عن اتخاذ القرارات الخاطئة!! ولذلك فإن الوصف القرآني دقيق جداً من الناحية العلمية عندما وصف الناصية بالخاطئة: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍخَاطِئَةٍ). وهنا أيضاً نلاحظ أن القرآن قد ربط بينالناصية وبين الخطأ، وهذا ما كشفه العلماء حديثاًجداً.


الصــدق

أن العلماء اكتشفوا كما رأيناأن الصدق لا يكلف الدماغ شيئاً، وأن الكذب يتطلب طاقة كبيرة، وهنا تتجلى فائدةجديدة من فوائد الصدق، وسبحان الله! عندما أمرنا الله تعالى بالصدق فإن هنالك فائدةمن هذا الأمر، وهذا يثبت أن الله تعالى لا يأمر إلا بشيء فيه منفعة للبشر. يقولتعالى ( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَخَيْرًا لَهُمْ) ( محمد : 21 )


وتأمل معيالبيان الإلهي كيف حدثنا عن ذلك الإنسان الذي أكرمه الله بالهدى والإيمان وآتاه منآياته العظيمة، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه، فكيف حال شخص كهذا؟ يقول تعالىمشبهاً كل من يكذب بآيات الله ( فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْتَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَافَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ( الاعراف : 176 )

ونتساءل: لماذا شبه الله تعالى الذي يكذب بالكلبالذي يلهث؟ لأن عملية الكذب والتكذيب تحتاج إلى بذل جهد وطاقة، تماماً كما يبذلالكلب طاقة كبيرة عندما يلهث. إنها بالفعل عملية تحتاج إلى تفكير وتحليل لنستيقنبأن من يكذب بآيات الله تعالى فهو كالكلب! ولذلك ختمت الآية بقوله تعالىلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ .

كما رأينا فإن العلماء وجدوا أن الدماغ مصمم ليعمل على أساس الصدق، أي أنالنظام الافتراضي للدماغ هو الصدق، أي أن الإنسان يولد ودماغه مصمم ليكون صادقاً،وربما نتذكر كلام النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم عندما تحدث عن هذا الأمر فقال                      ( كلُّ مولود يُولَدُ على الفِطْرَة ) والله تعالى يقول (  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًافِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِاللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُون )( الروم30 )  فالله تعالى قد فطر الناس منذ ولادتهم على الصدق،وهذا ما يعترف به العلم اليوم.


القيادةوالتوجُّه

 

يقول تعالى على لسان النبي هود عليه السلام بعدما كذّبه قومه فقال لهم( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌبِنَاصِيَتِهَاإِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍمُسْتَقِيم )               ( هود : 56 )  فالله تعالى هو الذي يأخذبناصية جميع المخلوقات ويوجهها كيف يشاء، ولقد اختار الله تعالى هذه المنطقة لأنهاالمسؤولة عن التوجيه والسلوك والقيادة. وبذلك يكون القرآن أول كتاب يشير إلى أهميةهذه المنطقة من الدماغ في التوجيه والسلوك.
إن منطقة الناصية كما رأينا تتحكم باتخاذ القراراتالصحيحة وبالتالي كلما كانت هذه المنطقة أكثر فعالية وأكثر نشاطاً وأكثر سلامة كانتالقرارات أكثر دقة وحكمة، وبالتالي كان الإنسان على طريق مستقيم، ومن هنا ربما ندركسرّ الربط الإلهي بين الناصية وبين الصراط المستقيم في الآية الكريمة ( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌبِنَاصِيَتِهَاإِنَّ رَبِّي عَلَىصِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)وفيهذا إشارة إلى أهمية هذه المنطقة في سلوك الإنسان وهذا ما أثبته العلم وأشار              إليهالقرآن .

ونتذكرأيضاً دعاء النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم يخاطب ربه( ناصيتي بيدك )وفيهذا تسليم من النبي إلى الله تعالى، بأن كل شأنه لله، وأن الله يتحكم كيف يشاءويقدر له ما يشاء. والسؤال: هل أدرك النبي الرحيم صلى الله علية واله وسلم أن منطقةالناصية تلعب دوراً مهماً في العمليات العليا للإنسان مثل الإدراك واتخاذ القراراتوالتوجيه وحل المشاكل، ولذلك سلَّم هذه المنطقة لله تعالى في دعائه.

وهنا لا بدّ من أن نتساءل: هل يوجد تناقض بين ماجاء في القرآن قبل أربعة عشر قرناً، وبين ما يكشفه العلماء في القرن الحاديوالعشرين؟

 

 

المبحث الثالث

 

الوقاية والعلاج

 

الإنسان كما قال علماء النفس مركب من ثلاث عناصر وهي ( الجسم – النفس – الروح) والعامل المحرك لهذه العناصر الثلاث هو العقل بمعنى ( الدماغ ) وهو عبارة عن أنسجة وخلايا ملتصقة ببعضها البعض وهي مقسمة إلى مجموعة كبيرة من الوظائف  تهتز سواءً سلباً أو إيجابياً .

وقد ثبت علمياً أن كل خلية من خلايا دماغ الإنسان تهتز بعدد محدد من الذبذبات في الثانية , ويقول العلماء إن الجنين عندما يبدأ دماغه بالتخلق تبدأ خلايا دماغه بالاهتزاز . وبعد أن يصبح طفلاً تتأثر هذه الخلايا بالأحداث التي تمر على هذا الطفل سلباً وإيجاباً . فالأحداث المفرحة والسارة تعدل ذبذبات الخلايا نحو الأفضل . أما الأحداث المؤلمة والصدمات النفسية فتجعل الخلايا تهتز بصورة عشوائية ويحدث خلل في ذبذبات الخلية .

والسؤال ما هو العلاج ؟

يحاول العلماء اليوم اكتشاف الخلل في هذه الخلايا , إذ أن في الخلايا كما يؤكد جميع العلماء برنامجاً أشبه بب