Forum - كيف يعمل جهاز تحديد المواقع أو GPS ؟

كيف يعمل جهاز تحديد المواقع أو GPS ؟

كيف يعمل جهاز تحديد المواقع أو GPS ؟

 

Essential Gadgets Image Gallery

 

في القديم ، كانت عملية التنقل عسيرة جدا فقد كان على القدماء أن يجدوا طرقا مبتكرة ليتجنبوا الضياع و فقدان الطريق فأصبحوا يعلمون بعض الأماكن ويتخدونها مرجعا للسفر و منهم من كان يعتمد على حركة النجوم في الليل و منهم من قام برسم خرائط معقدة للطرق و المسالك المهمة .

 

أما اليوم فقد أصبحت الأمور أكثر سهولة ، فبإمكان أي واحد منا أن يقتني جهازا صغيرا تقل تكلفته عن 100 دولار و بواسطته يمكنك أن تعرف مكانك بالضيط في أي بقعة في العالم و في أي لحظة ، ما دمت تملك جهاز تحديد المواقع ( GPS ) و سماء صافية فلن تضيع طريقك أبدا .

في هذا الموضوع سوف نلقي نظرة على كيفية عمل جهاز تحديد المواقع ( GPS أو Global Positioning System ) رغم أنه يحتوي على كثير من التكلونوجيات الحديثة إلا أن المبدأ الأساسي لعمله سهل جدا .

عندما يتحدث الناس عامة عن جهاز تحديد المواقع فهم يقصدون جهاز GPS أو Global Positioning System و هو في الحقيقة عبارة عن 27 قمرا إصطناعيا ( 24 مستعملة حاليا و 3 لتعويض أي قمر إصطناعي في حالة عطب ) . و قد قام الجيش الأمريكي بإنشاء هذه الشبكة بهدف التواصل مع بعضه البعض ثم تم فتحه للإستعمال العام .

كل قمر قمر صناعي ( يزن من 1360.7 كغ إلى 1814.3 كغ ) يدور حول الأرض بسرعة 19300 كم في الساعة حيث يلف الكوكب مرتين يوميا و قد وزعن هذه الأقمار بطريقة تجعل على الأقل 4 أقمار صناعية مرئية في أي منطقة من العالم .

يتمثل عمل جهاز تحديد المواقع في تحديد مكان هذه الأقمار الصناعية الأربعة ( أو أكثر ) ثم قياس المسافة بينه و بين كل من هذه الأقمار وبعدها يستعمل هذه المعلومات لتحديد مكانه الخاص . إن هذه العملية مبنية على نظرية رياضية بحتة حول ” التثليث المساحي “  وباللغة الإنجليزية تدعى ” trilateration ” . إن نظرية التثليث المساحي الثلاثي الأبعاد معقدة بعض الشيئ و لكننا سنتطرق أولا إلى التثليث المساحي ذو بعدين فقط .

  • التثليث المساحي ( trilateration ) ( ثنائي الأيعاد ) :

تخيل تفسك في مكان ما في الولايات المتحدة الأمريكية  و لسبب ما فقدت الطريق و أصبحت تجهل في أي منطقة أنت ، ثم إلتقيت أحد السكان المحليين وسألته عن مكانك فيقول لك ” أنت تبعد بحوالي 625 مبل عن مدينة Boise في ولايةIdaho .

و لكن الجواب ليس كافيا فقد تكون في أي مكان في محيط دائرة قطرها 625 ميل و مركزها Boise :

 

 

ثم تسأل شخصا أخر فيجيبك ” أنت تبعد 690 ميل عن مدينة Minneapolis في ولاية Minnesota ” ، الأن فقط قد تحدد مكانك بدقة أكثر فعندما تدمج المعلومات الأولى و الثانية سوف تحصل على تقاطعين و ستعلم يقينا أنك في إحدى ذين التقاطعين :

 

إذا أخبرك شخص ثالث أنك تبعد بحوالي 615 ميل عن مدينة Tucson في ولاية Arizona ، سوف تصبح قادرا على تحديد مكانك بالضبط ( أي في إحدى التقطعين السابقين ) و بأنك في Denver في ولاية كولورادو :

نفس المبدأ ينطبق على الحالة الثلاثية الأبعاد بإستثناء أنك سوف تعمل بكرات ( مجوفة من الداخل أي spheres ) و ليس بدوائر .

  • التثليث المساحي ( trilateration ) ( ثلائي الأيعاد ) :

إن المبدأ كما قلنا لا يختلف عن التثليث المساحي الثنائي الأبعاد و لكن الأمر بالنسبة للثليث المساحي الثلاثي الأبعاد قد يكون أصعب قليلا للتخيل ، فلنفترض أنه في المثال السابق ( Boise )  توجد أنصاف قطر تنطلق من المركز ( مدينةBoise ) و تمتد في جميع الإتجاهات فبدلا من تمثيلها على شكل دوائر ، سوف نضطر إلى تمثيلها على شكل مجال كروي .

فإن عرفت أنك تبعد حوالي 10 ميل عن عن القمر الصناعي ( 1 ) فمن المحتمل أن تكون في أي مكان على طول مجال كروي كبير بنصف قطر يبلغ 10 ميل ، و إذا عرفت أيضا أنك تبعد عن القمر الصناعي رقم ( 2 ) ب 15 ميل فسينشأ لديك مجال كروي أخر ذو نصف قطر يبلغ 15 ميل و لكن سينتج لدينا مجال كروي مشترك بين القمر الصناعي ( 1 ) و القمر الصناعي ( 2 ) و هو ما يقلل الإحتمالات ، و إذا إستطعت أن تدرك المسافة بينك وبين قمر صناعي ثالث ( 3 )  سوف تحصل على مجال كروي ثالث سوف يتقاطع بدوره مع المجالين السابقين .

و تستطيع الأرض أن تعمل كمجال كروي رابع ( 4 ) و بذلك سوف تحصل على نقطتي تقاطع فقط أحداها في الأرض والثانية في الفضاء  ( بذلك سوف تستطيع أن تحصل على موقعك لأن سوف تلغي نقة التقاطع الموجودة في الفضاء ) ، و لكن جهاز تحديد المواقع يعتمد على 4 أقمار أو أكثر لزيادة الدقة .

و لإجراء هذه الحسابات البسيطة ،يجب على جهاز تحديد المواقع أن يعرف شيئين مهمين :

1. تحديد مكان ثلاث أقمار صناعية على الأقل .

2. المسافة بينك و بين كل من هذه الأقمار الصناعية .

يستطيع جهاز نحديد المواقع أن يتوصل لهاتين المعلومتين عن طرق تحليل التردد المرافع و المنخفض لأمواج الراديو القادمة من الأقمار الصناعية و يحتوي الجهاز على مستقبلات متعددة بإمكانها أن تحلل ترددات أكثر من قمر صناعي في نفس الوقت .

إن أمواج الراديو هي عبارة عن طاقة كهرومغناطيسية و هذا يعني أنها تتحرك بسرعة 300 ألف كم في الساعة ( سرعة الضوء ) فبإمكان مستقبل جهاز تحديد المواقع أن يحدد المسافة بينه و بين القمر عن طريق حساب الزمن الذي إستغرقته الأمواج للوصول .

  • الحسابات الخاصة بجهاز GPS :

في الفقرة السابقة ، قلنا أن جهاز تحديد المواقع يحدد المسافة بينه و بين القمر الصناعي عن طريق الزمن الذي تستغرقه الموجات للوصول إلى المستقبلات . و هذه العملية في الحقيقة معقدة جدا .

في وقت محدد ( في منتصف الليل مثلا ) يبدأ الصناعي بإرسال نمط قمي طويل يدعى الرمز شبه عشوائي  ( pseudo-random code ) ، و يقوم المستقبل على مستوى جهاز تحديد المواقع بتشغيل نفس النمط الرقمي و في نفس الوقت ( منتصف الليل ) . عندما تصل موجات القمر الصناعي إلى المستقبل فإن إرسال النمط الرقمي سوف يتخلف قليلا عن النمط الرقمي الذي يشغله المستقبل .

إن طول التأخر يساوي بالضبط المن الذي إستغرقته الموجة للوصول ، يقوم المستقبل بضرب الزمن بسرعة الضوء لتحديد المسافة التي قطعتها الموجة و بإفتراض أن الموجة قد قطعت المسافة على خط مستقيم فهي تمثل إذا المسافة بين المستقبل و القمر الصناعي .

و للقيام بهذه العمليات ، يحتاج كل من القمر الصناعي و مستقبل جهاز تحديد المواقع مؤقتات متزامنة ( synchronized clocks ) بوحدة النانومتر و لجعل القمر الصناعي يعمل بهذه الطريقة يجب تركيب مايدعى بالمؤقت الذري ( atomic clocks ) على كل من القمر و المستقبل ، ولكن هذه المستقبلات باهضة الثمن و يبلغ ثمنها بين 50 ألف إلى 100 ألف دولار و هو ما يجعلها بعيدة عن متناول العامة من الناس .

و هناك طريقة ذكية و عبقرية جدا أدت إلى حل هذه المشكلة ولكن شرح تفاصيلها صعب جدا و مليئ بالمفردات التقنية و التفاصيل العلمية .

شيئ أحر مهم ، حتى تستفيد من جهاز تحديد المواقع يجب على جهاز الإستقبال الخاص يه أن يحدد مكان القمر الصناعي بإستمرار و لكن الأقمار الصناعية تتحرك بإستمرار بسرعة كبيرة و على مسارات محددة ، و ببساطة يقوم جهاز الإستقبال في جهاز تحديد المواقع بتخزين التقويم الذي يدله على مكان القمر الصناعي في كل لحظة .

أما في ما يخص قوة جذب الشمس والقمر التي تؤدي إلى إنحراف القمر الصناعي ، تقوم وزارة الدفاع الأمريكية بالمراقبة المستمرة لحركة القمر و تقوم بإرسال أي تعديلات محتملة إلى أجهزة الإستقبال .