ظهرت الفأرة في السوق للمرة الأولى مع بداية ظهور الماكنتوش من شركة أبل ( Apple Macintosh ) في سنة 1984 و قد حددت بشكل كبير طريقة إستعمالنا للحاسوب . و قد أضحت الفأرة منذ ذلك الوقت جزأ لا يتجزأ من الحاسوب خاصة عند الإبحار في الأنترنت و إرسال و تلقي الراسائل الإلكترونية و غيرها من المهام اليومية حيث تستشعر الفأرة حركاتك و ضغطاتك و ترسلها للحاسوب الذي يقوم بالإستجابة تبعا لذلك. في هذه المقالة سوف نكتشف سوية السر الكامن وراء عمل هذا الجهاز الصغير.

ثورة فأرة الحاسوب:

من المدهش حقا بساطة و فعالية الفأرة و من المدهش أكثر الوقت الذي إستغرقته لتصبح جزأ لا يمكن الإستغناء عنه أثناء عملنا على الحاسوب . و رغم أن الإنسان بالفطرة يحتاج إلى تحديد الأشياء قبل أن يتكلم أصلا إلا أن تطوير جهاز لتحديد الأشياء إستغرق وقتا طويلا نسبيا حيث ظهرت فكرة الفأرة في سنوات 1960 و لكنها إستغرقت عقدين من الزمن لتفرض نفسها في حياتنا.

في بداية الأمر ، لم تكن هناك حاجة لتحديد الأشياء لأن الحواسيب البدائية لم تكن تملك واجهة لائقة و إنما كانت عبارة عن شاشة مملة لإدخال الأكواد الطويلة و المعقدة و قد إستغرق الأمر حوالي عشر سنوات ( أوائل 1970 ) لظهور المؤشر (cursor) و عندها فقط بدأت محررات النصوص بالتطور و إزدادت معها الحاجة لتحديد الأشياء .

أول جهاز للتحديد لم يكن الفأرة و لكن كان القلم الضوئي (Light pens) و قد إستعملت الأقلام الضوئية لعدة سنوات بالإضافة إلى بعض الأجهزة الأخرى التي إنتشرت في سنوات السبعينات و لكن لم تفلح أي من هذه الأجهزة في إستقطاب الأنظار.

عندما ظهرت الفأرة كجزأ من حاسوب الماكنتوش حققت نجاحا كبيرا . حيث كانت طريقة عملها تعطي شعورا بالإرياحية و العفوية ، و عند مقارنتها بالأجهزة الأخرى يظهر الفرق الكبير حيث أنها أقل كلفة بكثير و تشغل حيزا صغيرا من المكتب. و كانت ثورة الفأرة الحقيقية عند إطلاق نظام التشغيل ويندوز 3.1 بواجهته الرسومية المميزة و أصبحت منذ ذلك الوقت أداة التحديد الطبيعية للمستعمل.

داخل الفأرة

إن الهدف من الفأرة هو ترجمة حركات يديك إلى إشارات يفهمها الحاسوب ، دعنا الأن نلقي نظرة داخل الفأرة المزودة بالكرة الدوارة ( track-ball mouse ) لنتعرف على طريقة عملها :

1. تحتوي هذه الفأرة على كرة في الأسفل و عندما تحركها تقوم هذه الكرة بالدوران تبعا لحركات يديك .
2. تحتوي الفأرة أيضا على بكرتين دوارتين تقوم إحداهما بإستشعار الحركة في إتجاة المحور X  و تقوم البكرة الأخرى بإستشعار الحركة في الإتجاه الأخر Y

3. تتصل كل من البكرتين بمحور و يقوم هذا المحور بتدوير قرص يحتوي على ثقوب بداخله ( يحتوي قرص نمودجي على 36 ثقبا ) ، عندما تتحرك البكرات يدور معها المحور و القرص كما تظهره الصورة التالية :

4. في جانبي القرص يوجد صمام ثنائي ضوئي بالأشعة تحت الحمراء ( infrared LED ) بالإضافة إلى جهاز إستشعار للأشعة تحت الحمراء ( infrared sensor ) ، تعمل ثقوب القرص على كسر الأشعة الضوئية القادمة من الصمام الضوئي حيث أن المستشعر الضوئي يستقبل فقط الضوء على شكل دفعات أو نبضات pulses ، و عند قياس سرعة إستقبال النبضات نستطيع قياس سرعة دوران أو تحرك الفأرة كما في الصورة التالية :

5. تقوم شريحة مبرمجة (on-board processor chip) بقراءة سرعة النبضات الضوئية من جهاز الإستشعار و تقوم يتحويل البيانات إلى اللغة الثنائية binary data  التي يعمل بها الحاسوب في مستواياته السفلى :

في هذا النظام الميكانيكي الضوئي يقوم القرص بالحركة و الدوران ( حركة ميكانيكية ) بينما يقوم النظام الضوئي بحساب عدد النبضات الضوئية. في الفأرة التي في الصورة يبلغ قطر الكرة الدوارة 21 مم بينما يبلغ قطر البكرات الدوارة  7 مم كما يحتوي القرص على 36 ثقبا فإذا تحركت الفأرة لمسافة 25.4 مم فإن الشريحة الإلكترونية سوف تلتقط 41 نبضة ضوئية (يتم إستشعارها من طرف جهاز الإستشعار الموجود خلف القرص ثم تمرر البيانات إلى الشريحة الإلكترونية ).

ربط الفأرة بجهاز الكمبيوتر :

معظم أجهزة الفأرة الحالية تستعمل مأخذ USB لربطها بالكمبيوتر ، إن إستعمال مأخذ USB ( إختصار لكلمة Universal Serial Bus ) منتشر بكثرة لربط معظم الأجهزة الخاريجية بالحاسوب مثل الطابعات و أجهزة الكاميرا و لوحة المفاتيح و بالطبع الفأرة . و لكن بالنسبة لأجهزة الفأرة الأقدم و التي مازالت مستعملة لحد الأن فإن طريقة التوصيل تتم عن طريق مأخذ  من نوع PS/2  كما في الصورة التالية :

الفأرة الضوئية(optical mouce):

الفأرة الضوئية هي الأكثر إستعمالا اليوم

طورت هذه الفأرة من طرف شركة Agilent Technologies و ظهرت لأول مرة في السوق في سنة 1999 ، و تستعمل هذه الفأرة كاميرا صغيرة في الداخل تقوم بإلتقاط ألاف الصور في كل ثانية.

تتميز الفأرة الضوئية بقدرتها على العمل على مختلف أنواع السطوح بدون الحاجة إلى لوحة خاصة (mouse pad) و معظمها يستعمل صماما ضوئيا (LED) و الذي يقوم بعكس الضوء من السطح إلى جهاز استشعار خاص (مصنوع من مادة نصف ناقلة للكهرباء (CMOS)) و هنا طريقة عمل مبسطة للفأرة الضوئية (إن طريقة عمل الفأرة الضوئية أكثر تعقيدا من الفأرة التقليدية و تحتاج إلى إحاطة ببعض علوم الكهرباء والإلكترونيك و لذلك سوف نكتفي بشرح بسيط لطريقة العمل):

• يرسل جهاز الاستشعار (CMOS) كل صورة يلتقطها إلى معالج اشارات رقمي للتحليل.
• يعمل المعالج الرقمي على خلق نمط خاص بالصور و مدى تغير هذا النمط في كل صورة.
• اعتمادا على مدى تغير الأنماط ، يستطيع المعالج تحديد المسافة التي تحركت فيها الفأرة و يقوم مباشرة بإرسال الاحداثيات المناسبة إلى الكمبيوتر.
• يقوم الكمبيوتر بتحريك مؤشر الفارة على الشاشة طبقا للإحداثيات التي يتلقاها من المعالج الموجود داخل الفأرة الضوئية.

و تملك الفأرة الضوئية افضليات كثيرة على الفأرة التي تعمل بالكرة الدوارة و من بينها:

• من الجوانب السلبية في الفأرة التقليدية أنها تحتوي على أجزاء ميكانيكية دوارة تتعرض للتلف بسرعة مما يؤدي إلى نقض أو انعدام الفعالية في بعض الأحيان.
• يستحيل تقريبا أن تتسرب الأتربة أو الغبار إلى داخل الفأرة الضوئية بعكس الفأرة التقليدية.
• درجة الاستجابة تكون أكثر مرونة و فعالية في الفأرة الضوئية.
• تعمل الفأرة الضوئية على معظم السطوح بعكس الفأرة التقليدية التي تحتاج إلى لوحة خاصة (mouse pad).