Forum - الانسجام بين قوانين نيوتن

الانسجام بين قوانين نيوتن

[center]سنناقش هنا الاستنتاجات المتعلقة بقوانين الحركة ونبين الانسجام فيما بينها، هذه القوانين التي وصفت حركة الأجرام السماوية والأجسام الأرضية طوال قرنين من الزمن وما زالت مستخدمة إلى الآن. ومن خلال هذا الموضوع سنبين أن هذه القوانين وضعت مرتبطة ببعضها بحيث يكمل كل منها الآخر. فكل واحد منها وضعه نيوتن بعد تأمل عميق في لغز الحركة، وبعد دراسة متأنية لحسابات حركة الكواكب. وبقيت هذه القوانين راسخة رغم بساطتها لتدل على عبقرية نيوتن...... 

القانون الأول في الحركة

"الجسم الساكن يبقى ساكناً، والمتحرك بسرعة ثابتة يبقى كذلك ما لم يؤثر عليه قوى (قوة) تغير من حالته الحركية"

من هذا القانون نستطيع تمييز الأطر القصورية، حيث إن الأطار لن يؤثر على الحالة الحركية للأجسام، وهكذا فإن الجسم الساكن يبقى ساكناً والمتحرك متحركاً داخل هذا الأطار. فلو كان الإطار متسارعاً فلن تدوم الحركة أو السكون حتى لو لم يوجد مؤثر.

كما يمكننا الاستدلال على إحدى خواص الكتل (لكل جسم كتلة، وهي تشير إلى كمية المادة التي بداخله) وهي خاصية القصور (Inertia) والتي تعني عدم مقدرة الجسم على تغيير حالته الحركية. فإن كان الجسم ساكناً فلن يتحرك ما لم تحركه قوة (مؤثر)، وإن كان متحركاً فلن يتوقف إلا بقوة (وذلك بشرط أن يكون الإطار قصورياً في الحالتين). وسواء قمنا بتحريك الجسم أو إيقافه بواسطة قوة فإنه سيبدي مقاومة لهذه القوة. 

ويسمى القانون الأول باسم قانون القصور (Inertial Law) .

والآن سنفترض أن الكتلة (الجسم) داخل إطار قصوري وتعرضت هذه الكتلة إلى قوة، فكيف ستستجيب الكتلة؟ وهل سيؤثر ذلك على حالتها الحركية؟
هذا ما سنعرفه من خلال القانون الثاني في الحركة......

القانون الثاني في الحركة

"يتناسب تسارع الجسم طردياً مع القوة المؤثرة على الجسم وعكسياً مع كتلة الجسم"

ويكتب القانون بالصيغة الرياضية التالية: F=ma

من الصيغة الرياضية يمكننا معرفة أنه كلما كانت الكتلة أكبر احتاجت إلى مؤثر أكبر،. وهذا يضيف معنى للقصوريتمثل في ممانعة الجسم لتغيير حالته الحركية، وهذه الممانعة تعتمد على مقدار الكتلة وبشكل طردي.

ويتيح لنا هذا القانون طريقة لحساب الكتلة القصورية، وذلك بتطبيق قوة معلومة على جسم وحساب التسارع الناتج فتكون الكتلة القصورية:

m(inertia)=F/a

وتبين الصيغة أن علاقة القوة ستكون مع تغير السرعة (التسارع) وليس مع السرعة ذاتها فلا يمكننا الكشف عن القوة إلا بوجود التسارع. فالقوة ليس بالضرورة أن تسبب الحركة ولكنها بالتأكيد ستسبب التغير في الحالة الحركية. 

وباختصار فإن القانون يخبرنا بالارتباط بين القوة والتسارع (المؤثر والحركة)، ولكن عند تطبيق القانون لحل المسائل نلاحظ أن المؤثر يجب أن يلامس الأجسام كي يغير حركتها، فتظهر القوة وكأنها جسم يدفع جسماً آخر (Contact Force) (مثل العامل الذي يجر عربة) فهل دائماً تحتاج القوة إلى الالتصاق بالجسم لتؤثر به؟ (هل تسقط التفاحة إلى الأرض بفعل قوة رغم عدم تلامس القوة معها؟) من هذه النقطة سننتقل إلى القانون التالي...... 

قانون الجذب العام

"تتناسب قوة الجذب المتبادلة بين جسمين طردياً مع كتلتيهما وعكسياً مع مربع المسافة بينهما"
ويكتب القانون بالصيغة التالية 
F=Gm1m2/r^2 
يمثل القانون حالة خاصة من القانون الثاني، حيث يختص القانون بنوع واحد من القوى وهي الجاذبية، ولكنه يضيف لنا فكرة جديدة مفادها أن القوة يمكن لها التأثير في الأجسام عن بعد.

وقد استطاع نيوتن أن يكشف عن هذه القوة من خلال دراستة للبيانات المتعلقة بحركة القمر حول الأرض، إذ إن حركته دائرية تقريباً وذلك يشير إلى وجود قوة تؤثر به، والتي افترض أنها الجاذبية، وأضاف أن مصدرها هو كتلة الأرض، تلك القوة ذاتها التي تجعل التفاحة تسقط نحو الأرض، وقال أن الجاذبية تحفظ الكواكب في مداراتها حول الشمس. وعمم هذا الفرض بأن كل جسم في الكون يجذب الأجسام الأخرى. ومن هنا تم تسمية القانون بقانون الجذب العام.

ويشير القانون إلى خاصية أخرى تتميز بها الكتل وهي الجذب، وهذه الخاصية لا تعتمد على الحركة مثل القصور، ويتم تحديدها بواسطة جذب الجسم المراد قياس كتلته من قبل كتلة أخرى، تماماً مثل قياس الكتل بواسطة ميزان أو خطاف، وقد افترض نيوتن في حساباته تساوي كتلة الجذب مع كتلة القصور وقال أن التساوي مجرد صدفة.

ويبقى السؤال الأخير هل يجذب القمر الأرض كما تجذب الأرض القمر؟...... 

القانون الثالث في الحركة

"لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه"

يمثل هذا القانون الحلقة الفقودة لاتمام روعة القوانين السابقة، ففي القانون الأول تم توضيح مفهوم القصور والذي يعني الممانعة لتغيير الحركة، وبالتالي فهو يمثل رد فعل، ولكن أين هو الفعل؟
وجاء القانون الثاني ليظهر أن القوة مرتبطة بالحركة وهكذا سيكون الفعل هو القوة.

وفي قانون الجذب العام تم افتراض أن قوة الجاذبية المؤثرة في القمر أو التفاحة مصدرها كتلة الأرض، ولكن أليس القمر والتفاحة كتلاً؟ وبالتالي ستقوم هي الأخرى بجذب الأرض، فجاء القانون الثالث ليؤكد وجودها بل ويبين أن تلك القوى متساوية. 

كما أعطى القانون وصفاً لطبيعة القوة، حيث يظهر جلياً إن القوة سيقابلها دائماً قوة معاكسة لها.

الخلاصة

عند مراقبة حركة الأجسام في الأطر القصورية، نلاحظ أن: 
القانون الأول يصف الحركة من غير وجود قوة مؤثرة.
القانون الثاني يصف الحركة بوجود قوة ملاصقة للجسم (Contact Force).
قانون الجذب العام يصف الحركة بوجود قوة ثؤثر في الجسم عن بعد (Field Force).
القانون الثالث يبين أن القوى تكون أزواجاً، ولا تكون فرادى في الطبيعة.

 

azzedin boukharta